بينما يحتفل العالم بالعبقرى «ستيف جوبز» ويبكى عليه ويدرس أسرار تلك العبقرية وذلك التميز، إذ بالعرب يدخلون على النت وبعضهم يدخل من خلال الـ«آى فون» الذى اخترعه «جوبز» ليناقشوا: هل يجوز الترحم على رجل غير مسلم؟!،

حتى كلمة الله يرحمه صارت لا يتلفظ بها إلا بعد تصريح من الوكلاء الحصريين لشؤون السماء على الأرض!!، أترك التعليق لكم، وأترككم مع بعض ما كتبته سابقاً عن هذا الرجل بعد استقالته.. من علمنا الحلم، والأهم أنه علمنا كيف نحققه، الله يرحمه ويرحمنا.

«ابق جائعاً.. ابق أحمق»!!.. تلك الكلمات التى ختم بها «جوبز» خطابه أمام طلبة جامعة «ستانفورد» الأمريكية، ليست مجرد أربع كلمات باردة، لكنها تلخيص قصة حياة وحكاية نجاح، الجوع إلى المعرفة الطازجة والتجربة البكر، الجوع إلى كل ما هو جديد ومدهش، والحماقة التى يقصدها هى أن تخالف توقعات المتجمدين المحنطين التقليديين الخائفين من التغيير، المذعورين من التجديد، وأن تعيش نفسك وتفعل ما يمليه عليه قلبك، لا ما يمليه عليك الآخرون الذين يريدونك فى قالبهم وبروازهم ونمطيتهم، فتعيش حياتك تمثل دوراً وترتدى قناعاً وكأنك فى حفلة تنكرية لا فى تجربة حياة حقيقية من لحم ودم!

استقالة «ستيف جوبز» وهو فى سن السادسة والخمسين من رئاسة الشركة التى أسسها بمجهوده وباع سيارته من أجل توفير رأسمالها، وجعل صديقه يبيع آلته الحاسبة بألف وثلاثمائة دولار حتى يكتمل كيان الشركة التى بدأت فى جراج!!..

استقالته وهو فى قمة تألقه الذهنى وإبداعه العقلى وهو مازال يدهشنا بالـ«آى فون» والـ«آى بود» والـ«آى باد».. استقالته والعالم مازال يحبس أنفاسه عند ظهوره على المنصة مستعرضاً إمكانيات اختراعاته وابتكاراته بأسلوب مبهر وكأنه ساحر أو منوم مغناطيسى.. استقالته تلك هى رسالة لكل من يريد أن يلتصق بكرسى السلطة التى هبط عليها بالباراشوت ولم يصنعها مثل «جوبز» من عرقه وجهده.. إذا كنت غير قادر على تحقيق الأحلام أو انخفضت لياقتى وقدرتى على صناعة تلك الأحلام، فلأترك مكانى حتى يحتله غيرى من طابور المبدعين الذى ساهمت فى تشكيله مع سبق الإصرار والترصد ولم أكبس على أنفاسه وأخنقه وأجهض أحلامه.

«لا تسأل العميل ماذا تريد بل بماذا تحلم؟».. هذه هى العبارة التى دائماً يرددها «ستيف جوبز» لموظفى شركاته، وهذا هو السر الذى جعله متجدداً على الدوام، مصاباً بمرض الحلم المزمن والخيال المحلق. ورغم سرطان البنكرياس الذى غرس أنيابه فى الجسد فإنه لم يمس الروح، ورغم الكبد المزروع فى بطنه والمزروعة إلى جانبه الثقة فى المستقبل والحلم بالغد الأفضل..

رغم كل هذا فإنه مازال طفلاً يلعب ويشاغب ويمرح. يقول إنه يعمل بروح البهجة والمرح، وإن شركته لا تهتم بأن يعمل فيها مبرمجون فقط بل يعمل فيها رسامون وشعراء أيضاً.. إنها روح الابتكار التى لابد أن تكون فيها لمسة جنون الفن مختلطة بصرامة التنظيم والعلم.. إنها خلطة «ستيف جوبز» السحرية غير السرية.